![]() |
كيفية الصبر على الظلم |
الظلم في الإسلام أنواعه، عقوبته، وكيف تواجه الظالم بالصبر والعفو؟
ما هو الظلم؟
الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه الصحيح، وهو من أبشع المنكرات التي تؤدي إلى فساد المجتمعات واضطرابها. لقد حرّم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرّمًا بين عباده، فقال في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّماً، فلا تظَّالموا." هذا التحريم الإلهي جاء لحماية الناس في دينهم ودنياهم، ولأن الظلم يفسد القلوب ويقضي على العدل والإنصاف.
يُعد الظلم من الذنوب التي قد يعجّل الله عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، وقد حذّر القرآن الكريم من مصير الأمم السابقة التي هلكت بسبب ظلمها، مؤكدًا أن الظلم هو الطريق إلى الهلاك.
أنواع الظلم ودرجاته
الظلم ليس نوعًا واحدًا، بل له درجات وأنواع متفاوتة في القبح والخطورة:
الظلم الأعظم (الشرك بالله) هذا هو أخطر أنواع الظلم على الإطلاق، وهو ما يكون بإنكار وجود الله، أو الإشراك به، أو إنكار صفة من صفاته. قال لقمان الحكيم لابنه: "يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ". فمن مات على الشرك بالله، فإنه خالد في النار، وهذا أعظم الظلم لنفس الإنسان.
الظلم بين العبد وربه: وهو كل الذنوب التي يرتكبها الإنسان بينه وبين الله، ما دون الشرك. هذه الذنوب قد يغفرها الله بفضله، أو يعذب العبد عليها بقدرها.
الظلم بين العباد: يتعدد الظلم بين الناس في صوره، ويشمل الاعتداء على الآخرين في أموالهم، أو أعراضهم، أو حقوقهم. وأشد أنواع هذا الظلم هو ظلم من لا يملك حيلة للدفاع عن نفسه، وقد يؤخر الله جزاء الظالمين ليوم يعلمه هو وحده.
كيف تواجه الظلم بالصبر؟
التعرض للظلم شعور قاسٍ، لكن الإسلام يوجهنا إلى طرق للتعامل معه تضمن لنا راحة القلب والأجر العظيم. الصبر على الظلم هو ركن أساسي في ذلك، وهو منزلة عالية لا ينالها إلا أصحاب اليقين.
وسائل تعينك على الصبر
يقينك أن ما أصابك هو من الله اعلم أن كل ابتلاء يأتي من الله تعالى، وأنه يختبر صبرك وإيمانك. إن معرفة أن ما حدث لك هو قدر مكتوب يريح القلب ويطمئنه. قال تعالى: "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ".
تذكّر الأجر العظيم تذكر أن مرارة الدنيا هي حلاوة في الآخرة. وأن صبرك على الظلم يضاعف أجرك عند الله، ويجعلك من المقربين إليه. فكل مصيبة تمر بها هي فرصة لكسب الحسنات ومحو السيئات.
العفو والصفح إن العفو عن الظالم ليس ضعفًا، بل هو قوة وعزة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً". العفو يريح القلب من ثقل الكره والرغبة في الانتقام، ويجعلك أكبر من الظالم نفسه، كما أنه سبب في نيل عفو الله ورحمته.
كيف تأخذ حقك من الظالم؟
لا يعني الصبر أن تتخلى عن حقك، بل يعني أن تسلك الطرق الشرعية الصحيحة لاسترداده:
الدعاء على الظالم إن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. الجأ إلى الله بالدعاء باسمه العدل القوي، فهو القادر على أن يأخذ لك حقك ممن ظلمك، وقد وعد الله نصره ولو بعد حين.
اللجوء إلى القضاء والجهات المسؤولة إذا كان الظلم كبيرًا ويتعلق بأمنك أو حقوقك، فمن حقك أن تلجأ إلى القضاء والجهات المختصة لتأخذ حقك بالقانون. الإسلام شرع القصاص والقوانين لتنظيم حياة الناس ومنع تحول المجتمع إلى غابة.
إياك أن تقابل الظلم بالظلم لا ترد على الظلم بظلم مثله. فإذا أساء لك أحدهم، لا تقابله بإساءة أكبر. كن أنت الأسمى والأقرب إلى العدل. إن لم ترض بالعفو عنه، فخذ حقك منه بالطرق المشروعة دون أن تتجاوز حدود الله.
أخطر أنواع الظلم ظلم الأعراض
لأن الشرف والأعراض أغلى ما يملكه الإنسان، فقد حذّر الإسلام من الاعتداء عليهما. إن قذف فتاة بالباطل أو المساس بسمعتها هو من الكبائر العظيمة التي لا تُغتفر بسهولة، وعقوبتها عند الله شديدة. هذا الظلم يكسر روح الإنسان ويجعله يعيش في ألم لا ينتهي، خاصة في المجتمعات التي تقدر العرض والشرف.
الخلاصة
الظلم بكل أشكاله منكر، لكن الصبر عليه والتوكل على الله هو طريق النجاة. لا تظلم، ولا ترض بالظلم، ولكن إذا وقع عليك، فاجعل من صبرك عليه قوة لك وكنزًا ليوم الحساب، واعلم أن الله بالمرصاد لكل ظالم.